عندما نتحدث عن بنوّة المسيح لا نشير على الإطلاق إلى أية علاقة جسدية تناسلية، كما يعتقد البعض عند سماعهم كلمة ابن.
البنوة في المسيحية لا تُفهم إلا من وجهة نظر مفهوم الثالوث الموحد. فهي تختلف كلياً عن أي مفهوم للبنوة، أكانت بالمفهوم البابلي أو المصري أو الروماني أو اليهودي.
كان المصريون يعتبرون ملوكهم أبناء الله بالجسد بطريقة أسطورية متولوجية. بينما البنوة عند البابليين كانت بمفهوم التبني الشرعي. وهذا المفهوم البابلي هو الذي تبناه البلاط الملكي الإسرائيلي. فنجد الاشارة إليه في مواضع متعددة من العهد القديم. فالملك عندهم كان ابن الله، وهذا لا يعني أنّ الله ولده بالجسد، بل اختاره وتبناه. يقول الله للملك: »أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ« (سفر المزامير 2:7).
كما أنّ الشعب اليهودي برمته كان يعتبر نفسه ابناً لله. ونجد هذا في سفر الخروج (أحد أسفار التوراة) عندما أمر الله موسى أن يكلم فرعون بقوله: »فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي، فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ« (سفر الخروج 4:22-23). وبهذا فالشعب اليهودي بأكمله كان يُعتبر ابناً لله على أساس اختيار الله له. أما الملك فكان ابن الله بنوع فائق، فهو مسيح الله بمعنى مفروز ومكرّس لخدمة خاصة.
أمّا البنوة في المسيحية فقد تخطت جميع هذه المفاهيم، فهي تختلف عنها كل الاختلاف. وهي تسمو على المفهوم اليهودي، الذي اعتبر البنوة مجرد تبنّي. ولو لم يكن المسيح يخالف اليهود في مفهومهم للبنوة، لما قاموا ضده يعادونه ثم يترقبون الفرص السانحة للقبض عليه وإدانته ثم محاكمته. لأنّ المسيح صرّح علانية بأنّه في الله والله فيه، وبأنّه متّحد في الله. ولا شيء يعمله أو يقوله من ذاته منفصلا عن الآب. وحتى تلاميذ المسيح لم يدركوا عمق البنوة التي كان يشير إليها المسيح من حين لآخر. فقد كان المفهوم اليهودي للبنوة مسيطراً على عقولهم، ولم يتحرروا منه إلا بعد أن حلّ الروح القدس عليهم وأنار عقولهم. فاتّضح مفهوم البنوة بأكثر وضوح وجلاء، وتغلغل المفهوم الجديد في أعماقهم. وانطلقوا بكل شجاعة وبسالة دون تردّد ليعلنوا للجميع هذا السر العجيب، وهو حضور الله في الجسد. وهكذا حررهم الروح القدس من المفهوم العتيق وأزاح الغشاوة عن بصائرهم، وفهموا أنّ المسيح هو كلمة الله المتجسّد. »الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الْآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً« (الانجيل حسب البشير يوحنا 1:14). فبواسطة الوحي الإلهي تبين لهم ما أُخفي عن أبصارهم وأفئدتهم، أن المسيح يسوع هو إعلان الله أي الوحي المنظور _ صورة الله غير المنظور _ (كولوسي 1:15 ) ونطق الله الذاتي (يوحنا 1:1).
في الابن أعطى الله لعباده أن يعرفوه عن قرب كي لا يبقى محجوباً بعيداً عن خلقه، فالله لا يُرى ولا يمكن أن تدركه الأبصار والعقول، لذا كان من الضروري أن يعلن عن ذاته من خلال التجسد، اَللّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلِابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الْآبِ هُوَ خَبَّرَ (يوحنا 1:18)، وكلمة »خبّر« هنا تفيد الكشف أي كشف الله ما أُغلق على الأفهام وما لم يدرك كنهه البشر، وقيل في المسيح كذلك إنه الله الظاهر في الجسد (1تيموثاوس 3:16). كما أن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً (كولوسي 2:9)، و»ملء« تعني في كامله، أو كمال الألوهية جسدياً. فبما أن الله كامل من كماله التجسد والظهور في صورة البشر، لقد أصاب الحلاج الفيلسوف الصوفي عين الصواب عندما أنشد قائلا:
سبحان من أظهر ناسوته
سرَّ سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهراً
في صورة الآكل الشارب.
البنوة في المسيحية لا تُفهم إلا من وجهة نظر مفهوم الثالوث الموحد. فهي تختلف كلياً عن أي مفهوم للبنوة، أكانت بالمفهوم البابلي أو المصري أو الروماني أو اليهودي.
كان المصريون يعتبرون ملوكهم أبناء الله بالجسد بطريقة أسطورية متولوجية. بينما البنوة عند البابليين كانت بمفهوم التبني الشرعي. وهذا المفهوم البابلي هو الذي تبناه البلاط الملكي الإسرائيلي. فنجد الاشارة إليه في مواضع متعددة من العهد القديم. فالملك عندهم كان ابن الله، وهذا لا يعني أنّ الله ولده بالجسد، بل اختاره وتبناه. يقول الله للملك: »أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ« (سفر المزامير 2:7).
كما أنّ الشعب اليهودي برمته كان يعتبر نفسه ابناً لله. ونجد هذا في سفر الخروج (أحد أسفار التوراة) عندما أمر الله موسى أن يكلم فرعون بقوله: »فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي، فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ« (سفر الخروج 4:22-23). وبهذا فالشعب اليهودي بأكمله كان يُعتبر ابناً لله على أساس اختيار الله له. أما الملك فكان ابن الله بنوع فائق، فهو مسيح الله بمعنى مفروز ومكرّس لخدمة خاصة.
أمّا البنوة في المسيحية فقد تخطت جميع هذه المفاهيم، فهي تختلف عنها كل الاختلاف. وهي تسمو على المفهوم اليهودي، الذي اعتبر البنوة مجرد تبنّي. ولو لم يكن المسيح يخالف اليهود في مفهومهم للبنوة، لما قاموا ضده يعادونه ثم يترقبون الفرص السانحة للقبض عليه وإدانته ثم محاكمته. لأنّ المسيح صرّح علانية بأنّه في الله والله فيه، وبأنّه متّحد في الله. ولا شيء يعمله أو يقوله من ذاته منفصلا عن الآب. وحتى تلاميذ المسيح لم يدركوا عمق البنوة التي كان يشير إليها المسيح من حين لآخر. فقد كان المفهوم اليهودي للبنوة مسيطراً على عقولهم، ولم يتحرروا منه إلا بعد أن حلّ الروح القدس عليهم وأنار عقولهم. فاتّضح مفهوم البنوة بأكثر وضوح وجلاء، وتغلغل المفهوم الجديد في أعماقهم. وانطلقوا بكل شجاعة وبسالة دون تردّد ليعلنوا للجميع هذا السر العجيب، وهو حضور الله في الجسد. وهكذا حررهم الروح القدس من المفهوم العتيق وأزاح الغشاوة عن بصائرهم، وفهموا أنّ المسيح هو كلمة الله المتجسّد. »الْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الْآبِ، مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً« (الانجيل حسب البشير يوحنا 1:14). فبواسطة الوحي الإلهي تبين لهم ما أُخفي عن أبصارهم وأفئدتهم، أن المسيح يسوع هو إعلان الله أي الوحي المنظور _ صورة الله غير المنظور _ (كولوسي 1:15 ) ونطق الله الذاتي (يوحنا 1:1).
في الابن أعطى الله لعباده أن يعرفوه عن قرب كي لا يبقى محجوباً بعيداً عن خلقه، فالله لا يُرى ولا يمكن أن تدركه الأبصار والعقول، لذا كان من الضروري أن يعلن عن ذاته من خلال التجسد، اَللّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلِابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الْآبِ هُوَ خَبَّرَ (يوحنا 1:18)، وكلمة »خبّر« هنا تفيد الكشف أي كشف الله ما أُغلق على الأفهام وما لم يدرك كنهه البشر، وقيل في المسيح كذلك إنه الله الظاهر في الجسد (1تيموثاوس 3:16). كما أن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً (كولوسي 2:9)، و»ملء« تعني في كامله، أو كمال الألوهية جسدياً. فبما أن الله كامل من كماله التجسد والظهور في صورة البشر، لقد أصاب الحلاج الفيلسوف الصوفي عين الصواب عندما أنشد قائلا:
سبحان من أظهر ناسوته
سرَّ سنا لاهوته الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهراً
في صورة الآكل الشارب.